اصدقاء غزة Admin
عدد الرسائل : 295 تاريخ التسجيل : 11/01/2009
| موضوع: مشكلة حماس الأربعاء فبراير 04, 2009 12:47 am | |
| فهمي هويدي الدستور 3/2/2009
أدري أن الحديث عن 'حماس' هذه الأيام ، إذا لم يكن مسبة واتهامًا ، فإنه قد يصبح في مصر على الأقل وقوعًا في المحظور ، واعترافًا بالتخابر مع 'محور الشر' العربي ، لكن أما وقد أصبحت أحد عناوين المرحلة ، فلا بأس من المغامرة بالخوض في الموضوع لتحرير الالتباس فيه.
(1)
أغلب الظن أن كثيرين لا يذكرون أنني كنت أول من اشتبك مع برنامج حماس حين أعلن في شهر أغسطس عام 1988 ، بعد ثمانية أشهر من انطلاق انتفاضة الحجارة.. وقتذاك نشرت لي 'الأهرام' في 1 ـ 11 ـ 88 مقالا كان عنوانه: فلسطين المحررة قبل فلسطين الإسلامية. وهو المقال الذي لم يرحب به آنذاك بعض الناشطين الاسلاميين في الاردن ، الذين نشرت الصحف لهم تعليقات وردوداً على الفكرة التي دعا اليها ، و لخصها عنوانه. ذلك انني انتقدت الخطاب الدعوى في البرنامج المعلن ، الذي اعتبر فلسطين وقفا اسلاميا يتعين الدفاع عنه لاستعادة الهوية الاسلامية للبلد ، التي طمسها الاحتلال الاسرائيلي. كنت اعلم ان حماس لها جذورها الاخوانية التي تمتد الى منتصف الثلاثينيات (في القرن الماضي بطبيعة الحال). وان البناء التنظيمي للحركة ظهر في عام 1946 ، و اشتد عوده بعد مشاركة حركة الاخوان في حرب عام ,1948 وخلال الفترة منذ عام 48 الى عام 67 الذي تم فيه احتلال اسرائيل لما تبقى من ارض فلسطين ، ظل جهد الاخوان محصورا في الدعوة و التربية. وحين ادى الاحتلال الى قطع صلاتهم بالاخوان في مصر ، فانهم اسسوا في عام 1973 ما سمي 'المجمع الاسلامي' ، الذي ظل ملتزماً بنهج التربية و الدعوة ، الامر الذي كان محل انتقاد من جانب الرموز الفتحاوية. وانصب النقد وقتذاك على عزوف عناصر المجمع عن المشاركة في مواجهة الاحتلال بدعوى انتظار الوقت المناسب ، رغم سعة انتشاهرهم في القطاع. ولكن هذا الوضع بدأ في التغير ابتداء من عام 1980 ، الذي خرجت فيه تلك العناصر الى الشارع ، حتى كانت انتفاضة عام 1987 التي القى الناشطون الاسلاميون بثقلهم فيها. ومن رحمها خرجت حركتا حماس و الجهاد الاسلامي ، لتنخرط بقوة في الحركة الوطنية الفلسطينية.
خلاصة وجهة النظر التي عبر عنها المقال الذي نشر قبل عشرين عاماً انه في العمل السياسي والنضالي بوجه اخص يتعين الانطلاق من الفريق وليس الفصيل. و ان القوى الوطنية يجب ان تحتشد لتحقيق الاهداف العليا حسب اولوياتها - التحرير في الحالة الفلسطينية - بصرف النظر عن توجهاتها الفكرية. بالتالي فان الحديث عن فلسطين الاسلامية في بلد يرزح تحت الاحتلال يد استباقا غير مبرر ، فضلا عن انه قد يثير خلافا يشتت الجهد بما قد يصرف الناس عن هدف المرحلة المتمثل في التحرير. حيث المطلب الملح هو حشد الجهود و ليس بعثرتها.
(2)
منذ برز دور التيارات الإسلامية في انتفاضة عام 1987 ، بدا أن هناك متغيرا جديدا في الساحة الفلسطينة يمكن أن ينافس حضور 'فتح' وهيمنتها. وثمة إجماع بين المحللين على أن هذا المتغير كان له دوره في الإسراع بإجراء مفاوضات أوسلو التي انتهت بتوقيع الاتفاق الذي تم في البيت الأبيض وحضره كل من ياسر عرفات وإسحاق رابين في سبتمبر من عام 1993 ورعاه الرئيس كلينتون. ونقل عن أحد القادة الإسرائيلين آنذاك أنهم حين وجدوا أنفسهم مخيرين بين التعامل مع أبو عمار أو مع حماس فإنهم فضلوا الأول باعتباره 'أهون الشرين'.
بمقتضى الاتفاق تم إنشاء السلطة الفلسطينية وعاد ياسر عرفات إلى غزة في عام 1994حيث انتخب رئيسا للسلطة وتمكنت فتح منذ ذلك الحين لا أن تهيمن على الفضاء السياسي الفلسطيني فقط وإنما على جزء من الأرض الفلسطينية أيضًا.. الذي لا يقل أهمية عن ذلك أن الاتفاق كان بداية لانخراط قيادة فتح في التسوية السياسية في الوقت الذي اختارت فيه حماس وحركة الجهاد الإسلامي نهجًا آخر انحاز إلى خط المقاومة. و لان الاحتلال كان لايزال قائما ، فإن حماس والجهاد بموقفهما المقاوم بدآ في كسب الشارع الفلسطيني وتعاظم ذلك الكسب بمضي الوقت بفعل عدة عوامل منها استمرار تحديها للعدو الإسرائيلي بعمليات تمت داخل إسرائيل ذاتها ، وشعور الفلسطينيين بالإحباط حين أدركوا أنهم لم يجنوا شيئا من اتفاقيات أوسلو ، وفشل المحادثات التي أجراها في كامب ديفيد عام 2000 الرئيس الفلسطيني مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك بحضور الرئيس كلينتون. وهي الخلفية التي فجرت انتفاضة عام 2000 التي اشترك فيها مختلف الفصائل الفلسطينية و انتهى المشهد بعيد ذلك بحصار الرئيس عرفات في رام الله ، وتسميمه هناك ثم وفاته في عام ,2004
بعد التخلص من أبو عمار انتخب السيد محمود عباس رئيسا للسلطة ، وهو الذي كان معروفا برفضه للمقاومة حتى قال لصديق أعرفه: إنني ضد المقاومة حتى بالحجارة (كما حدث في انتفاضة عام )87 ووصف إحدى العمليات الاستشهادية بأنها 'حقيرة'. وهي خلفية تسلط الضوء سواء على موقف القطيعة والمخاصمة الذي تبناه إزاء حماس والجهاد ، كما تسهم في تفسير تراجع شعبية السلطة التي يقودها في أوساط الرأي العام الفلسطيني. لذلك فإن فوز حركة حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي في انتخابات عام 2006 بدا أمرًا مفهومًا (حصلت على 74 من 132 مقعدًا بالمجلس التشريعي) وهذا الفوز نقل التنافس بين أبو مازن وجماعة السلطة المحيطين به وبين حكومة حماس الى مستوى الصراع. خصوصًا أن السلطة كانت ماضية في مسلسل التسوية السياسية إلى حد كان مثيرًا لقلق قوى المقاومة وحماس في المقدمة منها. ولكي تمضي عجلة التسوية كما كان مخططًا ومرسومًا ، كان لا مفر من إزالة عقبة حماس وما تمثله ، وبات معروفا الآن ما كان للأمريكيين من دور في محاولة إقصاء حماس وحكومتها وإخراجها من المسرح السياسي. وهي المحاولة التي أجهضتها حكومة حماس باستعادتها زمام الأمور ومن ثم سيطرتها على القطاع في صيف عام 2007 ، الأمر الذي شكل تحديًا آخر لها هناك. | |
|